الأحد، 4 ديسمبر 2011

بين ألغام القذافي و إهمال المجلس


كثيرة هي الجرائم التي ارتكبها نظام القذافي طوال اثنان و أربعون سنة ابتداءً من سيطرته على حكم ليبيا عام 1969 ، و خاصةً خلال محاولاته إخماد ثورة 17 فبراير ، و المعارك العنيفة التي خاضها ضد أبناء الشعب الليبي . و لعل من أشنع هذه الجرائم جريمة زرع الألغام بطريقة عشوائية في مناطق قريبة من التجمعات السكانية ، مما يعرض حياة قاطني تلك المناطق للخطر الشديد . و تعتبر المنطقة المحيطة بكل من ككلة و القلعة من المناطق التي قامت كتائب القذافي بتلغيمها بطريقة مكثفة ، نتيجة لأنها كانت مسرحاً لكثير من المعارك الطاحنة ، و للكر و الفر ، و تبادل للسيطرة و التمركز بين الثوار و كتائب القذافي . و يعتمد سكان هذه المنطقة بدرجة كبيرة على الزراعة و الرعي، إضافة لقرب حقول الألغام من مساكن الأهالي مما يعرضهم و أطفالهم لخطر تلك المتفجرات . و ما يثير الانتباه هو عدم وجود أي جهد ظاهر للمجلس الوطني الانتقالي أو المجلس العسكري حتى الآن لنزع هذه الألغام أو الحد من خطورتها ، باستثناء بعض الجهود الأهلية قليلة الخبرة و التي تعجز عن إدراك الحد الأدنى من المطلوب مهم كان اجتهادها و بذلها .

ناصر عيسى من سكان ككلة و مهتم بنزع الألغام من المنطقة ، ذكر بأن هناك حوالي 2500 عائلة تقطن في هذه المنطقة تعتمد على الزراعة و جني الزيتون و الثمار لا يستطيعون الوصول إلى أراضيهم و استغلالها ، و ما يزيد الأمر سوءً عدم توفر خرائط أو معلومات دقيقة حول أماكن وجود هذه المواد المتفجرة ، بل أن ما تحصلوا عليه من معلومات هو من خلال المشاهدة و نتيجة لانفجار هذه الألغام فعلاً ، و لعل آخر هذه الحالات تعرض مجموعة من شباب القلعة لحادث انفجار لغم أدى لمقتل اثنين منهم . كما ذكر ناصر بأن هناك جهود قليلة بذلت من قبل بعض سكان الجبل ممن لديهم بعض الخبرة ، أسفرت هذه الجهود عن نزع حوالي 4034 لغم من بعض المواقع التي صنفت على أنها ملغومة . و قالت مريم بوغرارة ( عضو جمعية سيدة غريان ) بأن جمعيتهم قد قامت بزيارة عدة مواقع يعتقد بأنها ملغمة و قامت بتوثيقها و نقل المعلومات إلى أصحاب القرار و خاصةً المجلس العسكري ، غير أنهم لم يجدوا أذناً صاغية .

في ظل هذا الخطر المحدق ينتظر أهالي ككلة و القلعة أن يحظى هذا الأمر بمكان في سلم أولويات الحكومة الجديدة ، بعد أن غاب عن اهتمام المجلس الوطني الانتقالي و مجلسه العسكري خلال الأشهر الماضية رغم الرسائل المتعددة التي تصلهم بهذا الخصوص من خلال وسائل الإعلام ومن خلال بريدهم الخاص .


علاء الدرسي

المركز الليبي للتوثيق

الثلاثاء، 26 يوليو 2011

مسيرة سلمية وهمية لتغطية تقدم قوات كتائب القذافي نحو القواليش


حاولت قوات القذافي يوم الأحد الموافق 24/7/2011 التقدم من منطقة الأصابعة لإعادة السيطرة على منطقة القواليش ، مستخدمة في ذلك مسيرة سلمية وهمية لتمويه تحركهم هذا . فقد أقحمت قوات الكتائب سيارات مدنية تحمل بعض العائلات بغرض التمويه و لاستخدامهم كدروع بشرية ، و تتخلل هذه العائلات بعض عناصر الكتائب المسلحة ، و تتبعها غير بعيد منها سيارات مسلحة و آليات عسكرية . غير أن الثوار تمكنوا من كشف هذا التحرك العسكري المموه لكتائب القذافي ، و حاولوا منع الموكب من التقدم مما نتج عنه اشتباك بينهم و بين العناصر المسلحة المرافقة للمسيرة المزعومة ، وتقدمت بعد ذلك سيارات و آليات الكتائب لتقوم بقصف مواقع الثوار بالراجمات و الأسلحة المتوسطة مما استدعى الثوار لرفع مستوى الاشتباك و استخدام أسلحة مماثلة لما تستخدمه الكتائب . و بعد حوالي أربع ساعات من المواجهة تمكن الثوار من دحر قوات كتائب القذافي و إجبارها على الانسحاب إلى مواقع تمركزهم السابقة بمنطقة الأصابعة . و قد نتج عن اشتباكات اليوم شهيد واحد و جريح واحد بين صفوف الثوار ، و تمكن الثوار من أسر ثلاث عناصر من كتائب القذافي أحدهم جريح و حالته حرجة ، كما تحدث الثوار عن مقتل و جرح عدد آخر في صفوف كتائب القذافي .
و مما يذكر أن الثوار تمكنوا من تحرير منطقة القواليش من سيطرة كتائب القذافي بتاريخ 6/7/2011 بعد اشتباكات استمرت عدة أيام ، و استعادت كتائب القذافي السيطرة عليها مرة أخرى بتاريخ 13/7/2011 غير أن سيطرتهم هذه لم تستمر سوى بضع ساعات قبل أن يعيد الثوار تحريرها مرة أخرى في نفس اليوم .






علاء الدرسي

الثوار ينزعون الألغام من منطقتي القواليش و الأصابعة


بينما تستمر حالة الترقب و المناوشات بالأسلحة الثقيلة و المتوسطة من حين إلى آخر بين ثوار الجبل و كتائب القذافي ، يبذل الثوار المزيد من الجهود في نزع الألغام التي خلفتها كتائب القذافي وراءها إثر تراجعها من المناطق التي أجبرت على الإنسحاب منها .
و قد ذكر السيد محمد النيش ، و هو أحد أفراد طاقم الهندسة العسكرية بالزنتان ، بأن الثوار تعاملوا حتى الآن مع عدة حقول ألغام و هي آمنة حالياً ، و لكن هناك عدة مناطق لم يتم استكشفها بعد ، و يتوقع أن تكون حقولاً للألغام . كما قال السيد محمد أن الألغام التي تستعملها الكتائب لها أضرار في المدى القريب و هي المتمثلة في عدة حالات سجلت لانفجار هذه الألغام و التي راح ضحيتها العديد بين شهيد وجريح و حالات بتر للأطراف ، بالإضافة إلى تضرر بعض السيارات و الآليات ، كما أن لهذه الألغام أضراراً في المدى البعيد ، فهذه الألغام مقاومة لعوامل الطبيعة ، فهي لا تتلف و لا تتآكل بسهولة و قد تبقى جاهزة للانفجار حتى بعد مائة عام من الآن أو أكثر .
كما قال السيد عبد الحكيم عيسى علي ، و هو خبير نزع ألغام من مدينة الزنتان ، بأنهم قاموا حتى الآن بنزع 1550 لغم من ضواحي مدينة الأصابعة خلال ثلاثة أيام فقط ، منها 1540 لغم مضاد للأفراد و 100 لغم مضاد للدروع ، بالإضافة إلى عبوات من المفرقعات العجينية شديدة الانفجار كانت موضوعة على الألغام المضادة للأفراد و هي مفرقعات قوية تبيد كل ما يصل إليه مداها من إنسان أو حيوان أو شجر ، و مازال الاستكشاف مستمراً بالمنطقة । و أبدى السيد عبد الحكيم استياءً و غضباً شديدين لكون كتائب القذافي تقوم بزرع الألغام بطريقة عشوائية و لا تتبع أياً من الطرق العسكرية المعروفة ، مما يدل على اتباع الكتائب لسياسة الأرض المحروقة ، كما يدل على أن من زرع هذه الألغام لا يفكر أبداً في نزعها مستقبلاً . كما توجه السيد عبد الحكيم برسالة إلى الليبيين الذين يستقبلون كتائب القذافي في مناطقهم ، مفادها " إن من استقبلتموهم في أراضيكم من هذه الكتائب يقاتلون اخوانكم ، و يلحقون الضرر بكم قبل أن يلحقوه باخوانكم ، بدليل أنهم يزرعون الألغام في مناطقكم بطريقة عشوائية دون مراعاة لأرواح البشر و ممتلكاتهم ، و هذه الحالة في ضاحية الأصابعة هي خير مثال على ذلك . فأفعال هذا النظام غاية في البشاعة و الشناعة ، و هو يحمل معه الدمار و الخراب أينما حل ، بما في ذلك بيوتكم التي تفتحونها له . عليكم أن تلتحقوا بأخواكم الثوار ، لأن القذافي لن يبقى في ليبيا إلى الأبد ، بل الشعب هو من سيبقى في ليبيا و هذه الأرض التي يحاول القذافي و كتائبه زرع الألغام فيها ".



علاء محمد

الأحد، 5 يونيو 2011

آثار الدمار و الخراب التي خلفتها كتائب القذافي في يفرن بعد أن تم دحرها هناك

صور لثوار مدينة القلعة

آثار القصف العشوائي لكتائب القذافي على الأحياء السكنية بمدينة القلعة

تخريج دفعة متدربين من ثوار مدينة القلعة 4 / 6 / 2011

الجمعة، 4 مارس 2011

فزاعات القذافي ( هستيريا المخدرات والقاعدة والحرب الأهلية ) - عز الدين الترهوني

ليس جديداُ على القذافي إستعمال هذه الفزاعات المستهلكة سلفآ . فلنبدأ بفزاعة المخدرات التى أستعملها القذافي لغرض تفكيك المؤسسة العسكرية المتمثلة في الجيش الليبي إثر محاولات الجيش المتكررة للإطاحة بنظامه تحت مسمى المخدرات . حيث أنه نشر مقاله الشخصي الشهير في بداية تسعينيات القرن الماضي بصحيفة (الزحف الأخضر) التابعة للجانه الثورية بعنوان ( ضباط الجيش حشيش وطيش) وصف من خلاله قادة الجيش وكبارالضباط بأنهم مهلوسين من جراء تعاطي المخدرات وبذلك تمكن من حل القوات المسلحة الليبية العسكرية بغية تحويله الى كتائب أمنية تحت إمرة المقربين جداً إليه إلى أن تم تخرج أبنائه من الكليات العسكرية برتب عالية ، ليقوم بعزل هؤلاء المقربين أيضآ وتصفية بعضهم جسديآ لمعرفتهم ببعض من جرائمه ومن ثم إعادة تعزيز هذه الكتائب قبل تسليمها لأبنائه .
أما عن هستيريا القاعدة . فإنه قام بإعدام أكثر من 1200 سجين من الليبيين العزل بمجزرة أبوسليم بنهاية التسعينيات بذريعة إنتماء هؤلاء الضحايا لتنظيم القاعدة . حيث تم دفنهم بباحة السجن بأ بو سليم بطرابلس .
بخصوص الحرب الأهلية المزعومة ، ليعلم الجميع ان دماء جميع هذه القبائل قد أختلطت في هذه الثورة المباركة ضد القذافي و أعوانه حيث أن الشهداء من جميع قبائل ليبيا بما فيها قبيلة القذاذفة المجاهدة الشريفة كما هو الحال بمعركة القرضابية ضد الغزاة الطليان من قبل اجدادنا المجاهدين . وإن القبيلة في ليبيا تمثل مظلة اجتماعية وليست سياسية لجأ إليها الليبيون أثناء حكم القذافي في ظل إنهيار جميع مؤسسات الدولة لمدة أربعة عقود من الزمن لاسيما القضائية منها . وأود أن أشير إلى أن اخواننا وأصهارنا وأخوالنا القذاذفة هم من نسيج هذه القبائل وأن هناك حالة رفض مستفحلة في أوساطهم لما يقوم به هذا المعتوه منذ سنوات.
إن ما يجري في ليبيا هي معركة غير متكافئة بين شعب بأسره وعائلة معمر القذافي . يقود هذه المعركة ضد الشعب عسكرياً أبناء القذافي (الساعدي وخميس) وأعلامياً وريث العرش المزعوم (زيف الإسلام) الذي فاجأنا والعالم بوجهه الحقيقي حيث أنه يشرف على إخفاء الجثث وتزييف الحقائق عبر التلفزيون الليبي وبعض الإعلامييي المأجورين مما يفسر للعالم بقاء هذا الطاغية جاثمآ على صدورنا لمدة اربعة عقود من الزمن. إلا ان الوطنيين الليبين الدبلوماسيين والمهجرين تعسفآ من قبل هذا النظام كانوا مرآة حقيقية لهذه الثورة فاستطاعوا كشف جميع آلاعيبه وإيصال صوت الداخل للعالم
لقد فرض علينا القتال وسنقاتل من اجل الحرية لأن أسوأ مشهد هو بقاء هذا الدجال في السلطة ، ولأن الوقت قد يخلق مشاكل في الوقت الراهن فقد يقوم القذافي نفسه بجلب القاعدة الى بلادنا ، لذلك فأننا نناشد العالم بالتحرك العاجل دون المساس بالسيادة والوحدة الوطنية لكي يتم توفير الغطاء الجوي اللازم للثوار وسترون كيف سيكون الزحف الى طرابلس من غربها وشرقها وجنوبها لتحريرها من قبضة هذا السفاح ومرتزقته بما أن هذه المعركة أيضآ غير متكافئة من حيث العزيمة لأن الكفة الأرجح هنا لأحفاد المختار ورفاقه لأنهم يسعون لتحقيق مطلب شرعي وهو إنشاء دولة مدنية ديمقراطية حديثة قوامها حرية التعبير والعدالة الأجتماعية وتعدد المنابر .

عزالدين نجيب
من عائلة الترهوني – قبيلة ليبيا

الأربعاء، 2 مارس 2011

معركة البريقة 2 مارس 2011


لطالما كان لليبيين موعد سنوي مع خيبة الأمل يوم ( 2 مارس ) ، و هو موعد الذكرى السنوية لما يسمى بإعلان سلطة الشعب ، فقد قام معمر القذافي في مثل هذا اليوم عام 1977 بإعلانه المشؤوم الذي ضرب به عرض الحائط آمال و تطلعات الشعب الليبي التي كانت ترنو نحو دولة الدستور و القانون ، دولة المؤسسات ، و الصحافة الحرة ، و الديمقراطية التعددية . غير أن أبطال ليبيا قرروا اليوم الأربعاء الموافق 2 مارس 2011 تغيير موعدهم هذا اليوم ليكون موعداً سنوياً مع العزة و الفخار ، بعد أن سطر صناديدنا ملحمة في البطولة و الإقدام سيذكرها تاريخ ليبيا إلى الأبد .
فقد هجمت شراذم النظام من كتائب عائلة القذافي و مرتزقة أجانب هذا اليوم في حدود الساعة 7:00 صباحاً منطقة البريقة و استولت على المطار و أحياء من المدينة ، فواجههم أهالي مدينة البريقة و انظم إليهم في غضون ساعات قلائل إخوانهم من بنغازي و اجدابيا و بشر و مناطق أخرى ، و استعادوا السيطرة على المطار و المناطق المستولى عليها ، و انسحبت فلول القذافي إلى جامعة النجم الساطع القريبة ليتمترسوا فيها بعد أن فر عدد كبير منهم ، و قام الثوار بمحاصرة هذه الفلول ، و تبادلوا معاها إطلاق النار ، و قد قامت طائرتان حربيتنا من نوع ميراج بالتحليق و القصف فوق الثوار غير أنهما لم تصيبا أي هدف ، بل أنه تم إسقاط إحداهما عن طريق الدفاعات الأرضية . و مع حلول الساعة 5:00 مساءً تمكن الثوار من دحر فلول القذافي و أسر خمسة مسلحين ، إثنان منهم ليبيين ، و إثنان أفارقة ، و واحد جزائري ، بينما طاردوا البقية و أبعدوهم إلى ما بعد منطقة ( بشر ) .
كان عدد الشهداء الذين وصلت جثثهم إلى المستشفى قبل مغادرتي إياه وصل إلى خمسة شهداء أسماء ثلاثة منهم كانت معلومة وهم :
1 - منعم العليوي
2 - عبد السلام محمد عبد السلام
3 - سعد بو غالية
بنما لم يتم التعرف على الشهيدين الآخرين ، ويعتقد أنهما من الثوار القادمين من المدن الأخرى ، و بعد عودتنا إلى بنغازي وردتنا أنباء بأن عدد الشهداء ارتفع إلى الثمانية بينهم طفلان . أما عن الجرحى فقد وصل عددهم حتى ساعة مغادرتنا للبريقة 21 جريحاً معظمهم إصابتهم بليغة تم تحويلها مباشرةً إلى مدينة بنغازي و هذه أسماء 14 جريحاً منهم و هم من استطعت الحصول على أسمائهم
ناصر نوري سليمان
جابر مفتاح عبد الله
ابوبكر حمد الحربة
مبروك يحيى
موسى عبد الكريم يونس
خالد مفتاح حمد
خالد بلعم
علي محمود صالح
عبد المنعم محمد
محمد عبد الهادي
جمعة امراجع
علاء ابراهيم عون
مفتاح العكوكي
جمال عبد القادر
و بعد عودتنا من البريقة علمنا بأن عدد الجرحى ارتفع إلى 28 جريحاً . و قد انطلق أهالي مدينة البريقة من المستشفى في مسيرة تنديد بوحشية النظام في قمع الليبيين ، بعد أن أثارتهم مشاهدة الشهداء و الجرحة و قد تعرضوا للتنكيل الشديد . و قد تمركزت وحدات من الثوار و من قوات الجيش المنحازة للثوار على تخوم مدينة البريقة لحمايتها من أي هجوم محتمل لشراذم القذافي

علاء محمد الدرسي

تصوير : علاء الدرسي



الثلاثاء، 15 فبراير 2011

بقيادة ( الشعب يريد ... إسقاط النظام )


لا ينهض الشعب إلا حين يدفعه *** عزم الحياة ، إذا ما قامت فيه

هكذا قال أبو القاسم الشابي ، و هكذا صدقه الشعبان التونسي و المصري . أدرك الشعبان أخيراً أنهما لم يكونا في حالة حياة ، و لا موت بطبيعة الحال ، بل كان يعانيان مرضاً اتضح أنه ليس بالعضال ، مرض اسمه ( الدكتاتورية المستبدة ) . شكراً لشعب تونس ، شكراً لشعب مصر ، شكراً لمن أسقط صنم ( الرئيس الزعيم القائد الملهم المفدى ..... إلخ ) شكراً لمن حطم أساطيراً استقرت في وعي الأمة لعقود على أنها مسلمات أو حقائق بديهية ، سقطت أسطورة الشعب المستكين الذي يخشى الحراك و يخذل كل من يطالب بحقه ، سقطت أسطورة النظام الأمني المخابراتي الحديدي الذي لا يقهر . أدرك التونسيون و المصريون و علمونا أن هذا ليس وقت المطالبة بالحقوق من أنظمة قامت أساساً على انتهاك الحقوق ، بل هو وقت إسقاط هذه الأنظمة لانتزاع الحقوق .
كغيري تابعت على مدى شهر الثورة التونسية من خلال القنوات الفضائية ، ومن خلال المواقع الالكترونية و الشبكات الاجتماعية ، و لكني كنت أسعد حظاً مع الثورة المصرية إذ كانت حاضرة قبل بدايتها و حتى سقوط نظام ( مبارك ) ، و شاهدت عياناً الكثير من فعالياتها و أحداثها . و قد بهرت كما بهر العالم بالثورة المصرية ، فقد تميزت هذه الثورة بصفات قلما اجتمعت في أي ثورة أخرى ، حتى كدنا نعتقد بأنها غير ممكنا في مجتمعاتنا العربية . صفات مثل : السلمية ، قوة العزيمة و الإصرار على بلوغ الهدف ، الحضارة و الرقي في الحراك الشعبي رغم زخمه الكبير ، إحساس عالي بالمسئولية تجاه الوطن و أمنه و استقراره و بالمسئولية التاريخية و الأدبية تجاه الشعوب الأخرى في المنطقة ، اشتمالها على كافة قطاعات و شرائح الشعب و في طليعتهم الشباب ، وعي و إدراك عاليين لم يسمحا بتصديق الوعود و الحركات الالتفافية الكثيرة التي قام بها النظام المخلوع قبيل سقوطه ، بالإضافة إلى خاصية مهمة جداً و هي الاستخدام المكثف للتقنيات الحديثة مثل كاميرات الهواتف المحمولة و مواقع الإنترنت و الشبكات الاجتماعية كالفيسبوك و التويتر و اليوتيوب . و كما شاهدنا جميعاً لم يكن هناك قائد لهذه الثورة كحال سابقتها التونسية ، بل كان يقودها و بكل اقتدار الهدف الرئيسي ( إسقاط النظام ) ، و وحد صفوفها التزام الجميع بالصفات السابقة .
هذه الصفات الراقية التي امتازت بها الثورة المصرية كانت هي نفسها العوامل الرئيسية في نجاحها و بلوغها لهدفها الأساسي ، و لا ننسى عاملاً آخر كان غاية في الأهمية وهو التغطية المميزة لقناة الجزيرة و بعض القنوات الفضائية الأخرى . و لعل ما ساهم في اختصار الوقت هو الموقف الذي اتخذه الجيش في النهاية ، حيث آثر قادته الاحتفاظ بالشرف العسكري على الولاء لشخص الرئيس و قائد القوات المسلحة ( حسني مبارك ) ، الشرف العسكري الذي يقضي بالولاء للوطن و للشعب و ليس لشخص واحد .
لا شك أنه سيكون للثورة المصرية أثرها الأقليمي و ربما العالمي ، فلطالما كان لمصر تأثيرها على وعي وثقافة شعوب المنطقة ، و أتصور أن هذا الأثر سيكون أكثر قوة و إيجابية بعد أن انتزع الشعب المصري حريته و احترام الجميع له . لقد دشنت الثورتان المصرية و التونسية مشروعاً شعبياً حقيقياً للديمقراطية ، مشروع يستمد قوته و زخمه من الشعوب و ليس بادعاءات كاذبة من سياسات أجنبية تسعى للضغط من أجل مصالحها فقط . وحددت الثورتان بشكل واضح معالم الطريق المتمثلة في الصفات سالفة الذكر ، و ابتكرت التكتيكات اللازمة للحفاظ على هذه الصفات طوال مشوار بلوغها للهدف الرئيسي ، لدرجة أزعم معها أن أي ثورة جديدة بإمكانها أن تتغلب على الأساليب التى تستعملها الأجهزة الأمنية لقمع أي حراك سلمي و أول هذه الأساليب القمعية طبعاً التعتيم و قطع الاتصالات . من التكتيكات التي ابتكرها أو طورها الثوار المصريون : التركيز بشكل مستمر و متكرر على الهتافات التي تدل على السلمية و عدم النزوع إلى العنف و التخريب مهما كانت الاستفزازات ، تطوع الأطباء و الممرضات وطلبة الطب لمعالجة الجرحى و المصابين في عيادات ميدانية استحدثت بالقرب من أماكن التجمعات ، تشكيل لجان من المتظاهرين للإعاشة لدعم استمرارية الثورة ، تشكيل لجان شعبية لحراسة الأحياء السكنية و الأملاك الخاصة و المنشآت العامة بشكل منظم يسمح باستمرار عملها على مدار الساعة و بمسافات بينها تسمح بدعم كل منها للأخرى متى ما دعت الحاجة لذلك لردع اللصوص و المخربين و البلطجية سواء المدفوعين من قبل الأجهزة الأمنية أو المدفوعين بنزعاتهم السيئة ، تطوع أشخاص لتنظيم سير المرور ، و قيام المتطوعين و المتطوعات بتنظيف الشوارع و الأحياء و نقل القمامة بشكل يومي .
هذه الصورة الرائعة التي رسمتها الثورتان المصرية و التونسية تعلن و بقوة بأن على الجميع الاستعداد ، شعوباً و حكومات ، فموجة تسونامي الثورات قادمة و ستغمر الجميع ، لن يردعها الادعاء بالخصوصية و عدم التشابه مع الحالتين التونسية و المصرية ، و لن يردعها وعود بإصلاحات و انفراجات سياسية و اقتصادية جربت الشعوب زيفها و خداعها على مدى سنوات طوال ، و لن يقف في وجهها اعتقالات و قمع و تهديد و وعيد . لم يعد السؤال الآن ( هل يمكن إسقاط النظام الدكتاتوري القمعي ؟ ) و لا ( كيف يمكن إسقاط النظام الدكتاتوري القمعي ؟ ) بل أصبح السؤال الآن ( متى ؟ ) . أصبح واضحاً و جلياً أن تكلفة إسقاط نظام دكتاتوري مهما ارتفعت ، هي أقل بكثير من تكلفة بقائه .

علاء محمد الدرسي

الاثنين، 7 فبراير 2011

ثورة مصر : وعي و إحساس عالي بالمسئولية وإصرار عظيم


الإثنين 7 / 2 / 2011 الإسكندرية - أمام مسجد القائد إبراهيم
انظروا كيف يدرك المتظاهرون بحجم المسئوليات التي اختاروا القيام بها و إصرارهم منقطع النظير على أن يكون في حجم الحدث .