الخميس، 20 يونيو 2013

حرائق متكررة تهدد الجبل الأخضر الليبي




تقرير من اعداد علاء الدرسي -اذاعة هولندا العالمية- تعتبر ليبيا في معظمها بلادا صحراوية ذات مناخ جاف وغطاء نباتي نادر، غير أن منطقة الجبل الأخضر شمال شرق البلاد تعتبر استثناء من هذه القاعدة وتحظى بمعدل هطول أمطار مرتفع ، وهذا جعلها المنطقة الأكثر استحواذا على التنوع البيولوجي في البلاد، وتضم أكثر من نصف أنواع النباتات التي تعيش في ليبيا بينها نباتات لا توجد في أي مكان آخر من العالم كشجرة " الشماري" البرية، بالإضافة إلى أشجار العرعر الفينيقي. كما يوجد بها كثير من أنواع الحيوانات والطيور النادرة بالإضافة لكونها محطة مهمة للهجرة الموسمية للطيور.
تهديدات بيئية
رغم ذلك لم يسلم الجبل الأخضر من السلوك المضر بالبيئة مقصودا كان أو غير مقصود . فلطالما كان تجريف الأراضي وقطع الأشجار للتوسع السكاني والاستثمار الاقتصادي من أهم أسباب تقلص الغابات الطبيعية وتناقص أعداد الحيوانات البرية في الجبل.
كما كانت مشكلة اندلاع الحرائق حاضرة دائما منذ العقود القريبة الماضية وحتى الآن، فسكان الجبل يذكرون عدة حرائق اندلعت في أماكن متفرقة في فترات زمنية متباعدة، وتسببت في نفوق الكثير من الحيوانات البرية والداجنة.
غير أن أكثر هذه الحرائق ضررا وحضورا في ذاكرة أهالي الجبل هو الحرائق التي تسبب بها قصف الطائرات العسكرية لمناطق وأودية من الجبل، وذلك في محاولة من نظام القذافي للحد من أنشطة مقاتلين معارضين له تحصنوا بالجبل عام 1996 .
باستثناء الحالة الأخيرة فإن شبهة التعمد كانت مستبعدة في الحرائق التي وقعت في فترات زمنية متباعدة. غير أنه خلال العام الحالي أصبحت الحرائق تحدث بكثرة وتكرار متزايد غير مسبوق بل أن بعض الحرائق اندلع بشكل متزامن في عدة مواقع، وهذا ما أدى بالمعلقين والناشطين إلى الاعتقاد بأن هذه الحرائق كانت متعمدة .
عبد السلام محمد، أحد سكان منطقة شحات، قال أن النار اشتعلت يوم 28 مايو الماضي في أحد الحقول وسط شحات وانطلقت منها شمالا بتأثير الرياح وأحرقت في طريقها عدة حقول وحظيرة للماشية تم إخلاؤها قبل أن تصل إليها النار. تمكن رجال الإطفاء بمساعدة أهالي المنطقة من رجال ونساء من إخماد الحريق. كما يذكر مفتاح محمد وهو أحد سكان منطقة الوسيطة شمال البيضاء بأنه فوجئ بحجم الحريق الذي وقع بمنطقته يوم 28 مايو وقدر المسافة التي اجتازتها النيران مدفوعة بالرياح بحوالي 20 كيلو متر ما بين حقول للمزارعين وغابات، ولم تسفر الحرائق عن خسائر بشرية، وعند سؤاله عن أسباب الحريق قال بأنه لم يشاهد شيئا بعينيه ولا يمكنه الجزم بكون الحريق مفتعلا أما لا.
جهود حثيثة لنشطاء حماية البيئة
ينبري السكان للدفاع عن بيئتهم ويقوم عدد من نشطاء حماية البيئة بالجبل الأخضر بجهود متزايدة خصوصا مع قصور دور الدولة في مقابلة استحقاق الحفاظ على البيئة ، واصطدامهم في بعض الحالات مع أصحاب المصالح من تجريف الأراضي بغرض التوسع السكاني أو التوسع الزراعي أو الرعوي الجائر.
الأستاذ محمد الفيتوري أكاديمي متخصص في الغابات شكل مع عدد من الأكاديميين العاملين بجامعة عمر المختار بالبيضاء مجموعة عمل باسم " فريق العمل التطوعي لمراقبة الغابات بمنطقة الجبل الأخضر " عام 2011.
اصدر هذا الفريق تقريرا في أبريل من هذا العام خرج بعدة توصيات تتعلق اهمها، ضرورة إجراء تحقيق عاجل في أسباب وملابسات اندلاع هذه الحرائق وضرورة توفير التجهيزات والمعدات اللازمة لمكافحة حرائق الغابات بما في ذلك طائرات الإطفاء والعمل على إعادة استنبات الغابات المتضررة سواء بنفس أنواع الأشجار المتضررة أو غيرها مما تتوفر إمكانية استنباتها بالمنطقة، وتفعيل واستحداث إجراءات وقوانين تحد من حدوث وانتشار هذه الحرائق .
كما ذكر التقرير صعوبة التعامل مع بعض المواطنين خصوصا مع انتشار السلاح لديهم، وأورد حالة تم فيها طرد الفريق من أحد المواقع من قبل مواطنين، ويقول محمد الفيتوري أن هذه الحرائق ترتقي إلى تصنيفها مساسا بالأمن القومي، ويعيب على الحكومة والمؤتمر الوطني تأخرهم الطويل عن أي رد فعل للحد من هذه الحرائق .
ناشط آخر هو عبد القادر النجدي وهو أحد سكان منطقة الأبرق شرق البيضاء يقول أنه بتتبع السجل التاريخي لحرائق الجبل الأخضر يتبين أن المؤشر البياني المتصاعد بشكل كبير جداً خلال عام 2013 ينبئ بالخطر، فالحرائق اندلعت في مناطق منها رأس الهلال والوسيطة وشحات وقندفورة والحنية وكانت في بعض الحالات متزامنة واحتمال أن يحدث ذلك مصادفة هو احتمال ضئيل، وهذا التزامن أدى إلى تشتت جهود رجال الإطفاء والمتطوعين.
ويشترك كلا من محمد الفيتوري وعبد القادر النجدي صحبة مجموعة من نشطاء حماية البيئة في اعتصام مفتوح بمدينة البيضاء أمام جامع بلال بن رباح، رافعين مطالب شبيهة بتوصيات التقرير سالف الذكر، ويقول المعتصمون بأنهم مستمرون في اعتصامهم إلى يوم 5 يونيو القادم وهو يصادف يوم البيئة العالمي، وإذا لم يستجاب لمطالبهم حتى ذالك التاريخ فإنهم سيتجهون للتصعيد نحو المناداة بالعصيان المدني .
أين مؤسسات الدولة؟
مع وجود نشاط ملحوظ للمهتمين بالحفاظ على البيئة في الشارع ومواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، فإنه لا يكاد يلمس دور واضح للأجهزة التنفيذية والأمنية للدولة. إذا استثنينا رجال الإطفاء بإمكانياتهم المحدودة . فليس هناك إشارات واضحة في خطابات المسئولين بخصوص أي خطوات كالتي يطالب بها المعتصمون أمام جامع بلال، سوى بعض التصريحات المنددة والواعدة بالقيام بما يلزم.
ومع ذلك يؤكد عبد الحفيظ الدايخ عضو المؤتمر الوطني عن مدينة البيضاء بأن هناك اتصالات حثيثة بينه وبين رئيس الوزراء ووزارة الدفاع، وأنه تم الاستعانة بطائرات إطفاء من إيطاليا وتركيا وتونس في إخماد بعض الحرائق بالجبل الأخضر نظرا لعدم توفر طائرات جاهزة لهذا العمل في الوقت الحالي بليبيا، وألمح إلى وجود علامات استفهام حول هذه الحرائق مع تأكيده على عدم التسرع في إطلاق حكم أو توصيف لهذه الحالة.

علاء محمد الدرسي
للاطلاع على التقرير الأصلي بموقع هنا امستردام










القذافي يعود بقوة إلى المكتبات الليبية

علاء الدرسي- إذاعة هولندا العالمية- كتب تتناول سيرة القذافي تستحوذ على اهتمام معظم القراء في مدينة بنغازي، بعد انقضاء ما يقارب العامين على مقتله و انهيار نظامه. فهذه الكتب تحتل مساحة كبيرة من أرفف محلات بيع الكتب بشكل يقابل طلباً متزايداً حسب تبرير أصحاب هذه المكتبات.
الباعة
"عوض بن غزي" صاحب محل الاستقلال لبيع الكتب أرجع جزءاً من هذا الاهتمام إلى رغبة عامة لدى الناس في القراءة و الاطلاع، بينما السبب الأهم لهذا الطلب هو الفضول الكبير لدى القراء لمعرفة كل ما يتعلق بحياة القذافي. ونوه بن غزي إلى ن الطلب على هذه الكتب يتفاوت من مدينة ليبية إلى أخرى . صاحب محل القدس لبيع الكتب "سعد الأوجلي" يقول إن كثيرا من الكتاب وأشخاص لديهم تجارب شخصية مع القذافي من ليبيا وخارجها أصبحوا قادرين بعد انهيار النظام الليبي على الكتابة في هذا الشأن، وبعض هؤلاء لديه فعلا ما يرويه بينما البعض الآخر أهدافه ربحية بحتة، بل أن بعض الكتب قد لا ترتقي إلى درجة كافية من المصداقية. لكن الأوجلي يعتقد أن القراء الليبيين قادرون على التمييز بين ما يكتب من حيث الجودة و المصداقية.
القراء
"أحمد نجم" أحد القراء يقول إنه قرأ بعض الكتب التي تتناول سيرة القذافي رغبة منه في معرفة ما كان خافيا عنه في السابق. لكنه وجد أن محتوى هذه الكتب مكرر وهو معروف من خلال القصص المتداولة بين الناس، بينما هناك جوانب وتساؤلات في أذهان الناس لم تجد كتاباً يتناولها حتى الآن. قارئ آخر هو "السموأل جمعة"، اقتنى بعض الكتب التي تتحدث عن القذافي بسبب ما أثير حولها من جدل و ردود. ويعتبر أن هذه الكتب تمثل تجارب شخصية لأشخاص كانوا مقربين من القذافي قد تفيد قراءتها في فهم نوعية الأشخاص والكواليس المحيطة برأس النظام السابق، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها من ناحية توثيقية أو تاريخية.
النقاد
يذهب المؤرخ "د. فرج نجم" إلى انتقاد بعض هذه الكتب التي يراها رخيصة لأنها تتناول أمورا شخصية و نزوات خاصة بالقذافي وهذا ما اعتبره اختزالاً لمعاناة الليبيين طيلة 42 عاما. وقال إنه كمؤرخ يهمه أسلوب حكم القذافي وتعطل عجلة الديمقراطية والتنمية أثناء فترة حكمه، أكثر من مجرد أمور و نزوات شخصية ليست ذات أهمية لقارئ التاريخ.
المستطلعة آراؤهم حول هذه الظاهرة في الشارع الثقافي لمدينة بنغازي وإن اختلفت آراؤهم حول تقييم إيجابيات هذه الكتب وسلبياتها وتنوع جوانبها إلا أنهم اتفقوا جميعا في توقع بأن لا يستمر الاهتمام بهذه الكتب لمدة طويلة من الزمن. يـُذكر أن سقف المسموح بكتابته وقراءته وتداوله قد ارتفع كثيرا في عام 2011 بعد انهيار نظام القذافي الذي مارس عبر أربعة عقود من الزمن رقابة و تضييقا شديدين علي الكتابة و علي النشاط الثقافي برمته.

علاء محمد الدرسي
للاطلاع على التقرير الأصلي بموقع هنا امستردام