الثلاثاء، 15 فبراير 2011

بقيادة ( الشعب يريد ... إسقاط النظام )


لا ينهض الشعب إلا حين يدفعه *** عزم الحياة ، إذا ما قامت فيه

هكذا قال أبو القاسم الشابي ، و هكذا صدقه الشعبان التونسي و المصري . أدرك الشعبان أخيراً أنهما لم يكونا في حالة حياة ، و لا موت بطبيعة الحال ، بل كان يعانيان مرضاً اتضح أنه ليس بالعضال ، مرض اسمه ( الدكتاتورية المستبدة ) . شكراً لشعب تونس ، شكراً لشعب مصر ، شكراً لمن أسقط صنم ( الرئيس الزعيم القائد الملهم المفدى ..... إلخ ) شكراً لمن حطم أساطيراً استقرت في وعي الأمة لعقود على أنها مسلمات أو حقائق بديهية ، سقطت أسطورة الشعب المستكين الذي يخشى الحراك و يخذل كل من يطالب بحقه ، سقطت أسطورة النظام الأمني المخابراتي الحديدي الذي لا يقهر . أدرك التونسيون و المصريون و علمونا أن هذا ليس وقت المطالبة بالحقوق من أنظمة قامت أساساً على انتهاك الحقوق ، بل هو وقت إسقاط هذه الأنظمة لانتزاع الحقوق .
كغيري تابعت على مدى شهر الثورة التونسية من خلال القنوات الفضائية ، ومن خلال المواقع الالكترونية و الشبكات الاجتماعية ، و لكني كنت أسعد حظاً مع الثورة المصرية إذ كانت حاضرة قبل بدايتها و حتى سقوط نظام ( مبارك ) ، و شاهدت عياناً الكثير من فعالياتها و أحداثها . و قد بهرت كما بهر العالم بالثورة المصرية ، فقد تميزت هذه الثورة بصفات قلما اجتمعت في أي ثورة أخرى ، حتى كدنا نعتقد بأنها غير ممكنا في مجتمعاتنا العربية . صفات مثل : السلمية ، قوة العزيمة و الإصرار على بلوغ الهدف ، الحضارة و الرقي في الحراك الشعبي رغم زخمه الكبير ، إحساس عالي بالمسئولية تجاه الوطن و أمنه و استقراره و بالمسئولية التاريخية و الأدبية تجاه الشعوب الأخرى في المنطقة ، اشتمالها على كافة قطاعات و شرائح الشعب و في طليعتهم الشباب ، وعي و إدراك عاليين لم يسمحا بتصديق الوعود و الحركات الالتفافية الكثيرة التي قام بها النظام المخلوع قبيل سقوطه ، بالإضافة إلى خاصية مهمة جداً و هي الاستخدام المكثف للتقنيات الحديثة مثل كاميرات الهواتف المحمولة و مواقع الإنترنت و الشبكات الاجتماعية كالفيسبوك و التويتر و اليوتيوب . و كما شاهدنا جميعاً لم يكن هناك قائد لهذه الثورة كحال سابقتها التونسية ، بل كان يقودها و بكل اقتدار الهدف الرئيسي ( إسقاط النظام ) ، و وحد صفوفها التزام الجميع بالصفات السابقة .
هذه الصفات الراقية التي امتازت بها الثورة المصرية كانت هي نفسها العوامل الرئيسية في نجاحها و بلوغها لهدفها الأساسي ، و لا ننسى عاملاً آخر كان غاية في الأهمية وهو التغطية المميزة لقناة الجزيرة و بعض القنوات الفضائية الأخرى . و لعل ما ساهم في اختصار الوقت هو الموقف الذي اتخذه الجيش في النهاية ، حيث آثر قادته الاحتفاظ بالشرف العسكري على الولاء لشخص الرئيس و قائد القوات المسلحة ( حسني مبارك ) ، الشرف العسكري الذي يقضي بالولاء للوطن و للشعب و ليس لشخص واحد .
لا شك أنه سيكون للثورة المصرية أثرها الأقليمي و ربما العالمي ، فلطالما كان لمصر تأثيرها على وعي وثقافة شعوب المنطقة ، و أتصور أن هذا الأثر سيكون أكثر قوة و إيجابية بعد أن انتزع الشعب المصري حريته و احترام الجميع له . لقد دشنت الثورتان المصرية و التونسية مشروعاً شعبياً حقيقياً للديمقراطية ، مشروع يستمد قوته و زخمه من الشعوب و ليس بادعاءات كاذبة من سياسات أجنبية تسعى للضغط من أجل مصالحها فقط . وحددت الثورتان بشكل واضح معالم الطريق المتمثلة في الصفات سالفة الذكر ، و ابتكرت التكتيكات اللازمة للحفاظ على هذه الصفات طوال مشوار بلوغها للهدف الرئيسي ، لدرجة أزعم معها أن أي ثورة جديدة بإمكانها أن تتغلب على الأساليب التى تستعملها الأجهزة الأمنية لقمع أي حراك سلمي و أول هذه الأساليب القمعية طبعاً التعتيم و قطع الاتصالات . من التكتيكات التي ابتكرها أو طورها الثوار المصريون : التركيز بشكل مستمر و متكرر على الهتافات التي تدل على السلمية و عدم النزوع إلى العنف و التخريب مهما كانت الاستفزازات ، تطوع الأطباء و الممرضات وطلبة الطب لمعالجة الجرحى و المصابين في عيادات ميدانية استحدثت بالقرب من أماكن التجمعات ، تشكيل لجان من المتظاهرين للإعاشة لدعم استمرارية الثورة ، تشكيل لجان شعبية لحراسة الأحياء السكنية و الأملاك الخاصة و المنشآت العامة بشكل منظم يسمح باستمرار عملها على مدار الساعة و بمسافات بينها تسمح بدعم كل منها للأخرى متى ما دعت الحاجة لذلك لردع اللصوص و المخربين و البلطجية سواء المدفوعين من قبل الأجهزة الأمنية أو المدفوعين بنزعاتهم السيئة ، تطوع أشخاص لتنظيم سير المرور ، و قيام المتطوعين و المتطوعات بتنظيف الشوارع و الأحياء و نقل القمامة بشكل يومي .
هذه الصورة الرائعة التي رسمتها الثورتان المصرية و التونسية تعلن و بقوة بأن على الجميع الاستعداد ، شعوباً و حكومات ، فموجة تسونامي الثورات قادمة و ستغمر الجميع ، لن يردعها الادعاء بالخصوصية و عدم التشابه مع الحالتين التونسية و المصرية ، و لن يردعها وعود بإصلاحات و انفراجات سياسية و اقتصادية جربت الشعوب زيفها و خداعها على مدى سنوات طوال ، و لن يقف في وجهها اعتقالات و قمع و تهديد و وعيد . لم يعد السؤال الآن ( هل يمكن إسقاط النظام الدكتاتوري القمعي ؟ ) و لا ( كيف يمكن إسقاط النظام الدكتاتوري القمعي ؟ ) بل أصبح السؤال الآن ( متى ؟ ) . أصبح واضحاً و جلياً أن تكلفة إسقاط نظام دكتاتوري مهما ارتفعت ، هي أقل بكثير من تكلفة بقائه .

علاء محمد الدرسي

هناك 20 تعليقًا:

  1. بارك الله فيك على هذا التقرير والمفروض يكون هذا هو النهج لكي نبدا فى التغيير واسقاط الانظمة الديكتاتورية والتخلي عن الذل والخوف الذى زرعته هذه الانظمة فى شعوبنا العربية

    ردحذف
  2. ربي يوفقك ياعلاء..نحن بوعي تام وان شاء الله ترجع لبلادك

    ردحذف
  3. حنان الزرقاني15 فبراير 2011 في 11:01 م

    جزاك الله خيرا علاء القلم الليبي الحر ، وحفظ الله أهلنا في مصر ، وولى عليهم خيارهم ، الحمد لله الذي خلصهم مما كانوا يعانون منه من الظلم والفقر ، والعاقبة لشعبنا الليبي الطيب يتخلص من الطاغية قريبا و للشعب السوري السني في الخلاص من النظام العلوي المجرم ، والشعب الأيراني في الخلاص من ولاية السفيه

    لك كل الشكر والاحترام صديقي المناضل الحر علاء

    ردحذف
  4. دورلك شلاق معيز ترعاه يادرسى روح شكلك يخوف اصغار خافو ياك ما تبى تشده انت وراس خشمك ماك حاط عليها فكاحتك

    ردحذف
  5. انرد عليك انا ياحقير ...علاءالدرسي ارجل منك ياجبان . معلن عن اسمه واضع صورته ومدون وحقوقي وكاتب شجاع في زمن الجبناء والتابعين واللقاقين اللي زيك

    ردحذف
  6. شكرا لك علاء علي مقالك المعبر والهادف

    ردحذف
  7. وانا كذلك يا مرغني ارد علي هذا المريض بنفس ردك له .
    واقول للاخ علاء كلنا فخورين بك وبمن هم علي الدرب سائرون

    ردحذف
  8. اللي عجبني في الشعب التونسي والمصري انهم كانوا يد وحده وخصوصا الشعب المصري الذي اثر مدى رقية في التعامل وكل الاحترام ثم كل الاحترام الى الشعب المصري وياريت نحن الليبيون نتعاملوا على هذا الاساس وياريت انكونوا يد وحدة وكل الاهالي تسمح بخروج ابنائها وبناتها خصوصا البنات لانه زي ما احنا عارفين ان الاناث عددهم اكثر وربي ينصرهم يارب

    ردحذف
  9. مقال رائع ونصيحتي للشباب هو الثبات علىالمطالب العادلة في اسقاط الطاغية والأستمرار في التضاهر وعدم التوقف سوف ينضم لها الخائفين من اثر القمع طوال 41 سنة نأمل من شباب طرابلس اللحاق ييقية شباب ليبياالحرة وسوف يسقط الطاغية ويرحل في يوم جمعة كما رحل بن علي و مبارك استمرو استمرواستمرو

    ردحذف
  10. ياليت الشعب الليبي يتعلم الدروس ويبعد عن ذهنه الخوف والخنوع والذل

    ردحذف
  11. قول لعمك الدرسي يخدمك في الاعلام الخارجي

    ردحذف
  12. لا تتراحعوا يا شعب ليبيا الحرة

    ردحذف
  13. لئن كان أبو القاسم الشابي أبو الثورة التونسية , التي أثرت أيضا في مصر , فعمر المختار أبو الثورة الليبية , ولك أن تتخيل ماذا يمكن أن يفعل أحفاد المختار , لله دركم يا أبناء ليبيا , لقد أرعبتم المعقد وزبانيته , ولم يتبق لكم سوا القليل وتتوجون بطولات عمر المختار , وتدخلون الحرية من أوسع أبوابها , فسعدا لكم ولأجيالكم التي ستظل تفخر بكم

    ردحذف
  14. أحمد محمد مصباح الترهوني21 فبراير 2011 في 12:56 ص

    مشكور جدا أخي وصديقي وزميل دراستي علاء كنت نعم الزميل في جامعة قاريونس (ماجستير المحاسبة)والان انت نعم الرجل الواعي لحقائق الامور وما وراء الاحدث حفظك الله

    ردحذف
  15. عبدالله عامر21 فبراير 2011 في 6:00 ص

    أخي العزيز علاء اشد على يديك وانا معكم فيما رأيتم وكتبتم
    الشباب الليبي شباب واعي واصبح اليوم اكثر وعياً بحقوقه وواجباته
    وهم الآن على قلب رجل واحد ةهذا دليل الوعي والمستوى الثقافي العالي وقادرون على تسيير امور البلاد
    أسأل الله التوفيق والسلامة لشعبنا

    أخيكم المحب عبدالله عامر

    ردحذف
  16. we hope all the libyan people read this and start walking in one line. pleeeeeeaaaaaase please be stronger and stronger
    i am one of you
    sise up

    ردحذف
  17. rise up rise up

    ردحذف
  18. الي شباب ليبيا البواسل في فشلوم وطرابلس و الزاوية الغالية و مصراتة الصامدة و زوارة و اجدابيا الباسلة و الثوار الابطال في كل ربوع ليبيا الحبيبة حفظكم الله و رعاكم ضد الطاغية القذافي و أبناءه و اعوانهالذين ينبحون في كل مكان في الداخل و الخارج مثل الكلب المسعور .(بنت ازوية)

    ردحذف
  19. بنت ازوية)ليبيا اكبر منا جميعا يجب ان نفكر و نعمل لتوحيد صفوفنا و كلمتنا من اجل ليبيا و دماء الشهداء التي سالت من اجلها كبار و صغار نساءا و رجال و عدم التفكير بالمصالح الذاتية و شخصية فليبيا للجميع ويجب ان نفكر في ليبيا خالية تماما من القذافي و ابناءه و عملاءه الذين يو فقون علي قتل و اعتداء علي ابناءنا و نساءنا و اطفالنا أجيال المستقبل و الله يحفظ الشعب كله من اذي الطاغية السفاح السفاك و المعتدي علي الحرمات

    ردحذف
  20. خبر عاجل هذة بعض أسماء الضباط العملاء للقذافي الذين اعرفهم شخصيا في منطقتي .انا و كل ليبي حر نتبرء منهم و من خيانتهم للبلد هم سليمان حامد حسن و االزروق و كتيبة المعروفة بكتيبة الزروق هناك أسماء آخرين أنا لا أعرفهم ,و ايضا هناك ضابط منذو البداية أنضم الي الثوار من اول يوم وهو حارب سابقا ضد التشاد و اسري هناك في تلك الحقبة و ايضا بعد ذلك انضم ضابط كبير آخر الي الثوار ضد نظام القذافي وهم لان مع الشباب لدعمهم معنويا ضد المواليين للقذافي

    ردحذف