الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

جدل حول مسودة قانون منظمات المجتمع المدني في ليبيا

يختلف دور و طبيعة ونطاق عمل منظمات المجتمع المدني من دولة إلى أخرى حسب عدة متغيرات، منها مستوى الديمقراطية ومساحة الحرية المتاحة فيها، وهذا ما ينعكس في قوانين تلك الدول. فما هو الواقع القانوني المحيط بمنظمات المجتمع المدني في ليبيا الآن في عام 2013 ، وبعد أكثر من عامين من سقوط نظام القذافي وإعلان التحرير، و مع هامش الحرية الكبير المكتسب بعد ثورة 17 فبراير؟

أكثر من تعديل لمسودة القانون
حسب ما كان عليه الحال أثناء حكم القذافي، فأهداف المنظمات المدنية تدور كلها حول حماية وتلميع النظام السابق، وإن كانت هناك بعض الاستثناءات النادرة مثل مؤسسة الكشافة والهلال الأحمر. لذلك فهناك محاولة تدور الآن لتأسيس قانون جديد لمنظمات المجتمع المدني، الجزء الأول من هذه الآلية تم بأن قام مجموعة صغيرة من نشطاء المجتمع المدني بكتابة مسودة للقانون أحالوها إلى وزارة الثقافة والمجتمع المدني، و يجري الآن العمل على خطين متوازيين وإن كان الاتصال بينهما ضعيفاً. فمن ناحية رسمية تقوم وزارة الثقافة حاليا بالتنقيحات والتعديلات على المسودة لتقوم بعد ذلك بإحالتها إلى رئاسة الوزراء لتعتمدها كمشروع قانون يقدم إلى المؤتمر الوطني العام لإقراره، وقد أجرت أكثر من تعديل عليها في سبيل ذلك، في حين يقوم عدد من نشطاء المجتمع المدني بالتعاون مع مؤسسات دولية بمناقشة المسودة التي (تصل إليهم) و من ثم صياغة توصيات مشتركة فيما بينهم لإيصالها بعد ذلك لمتخذي القرار، في محاولة منهم للمشاركة في بلورة وتطوير مسودة القانون قبل إقرارها.

وزارة الثقافة لم تقم بنشر مسودة قانون المجتمع المدني وخصوصا بعد التعديل الأخير، والنشطاء المهتمون بنقاش المسودة يجتهدون في الحصول على آخر تعديل لينصب نقاشهم وتوصياتهم على ما فيه من بنود. فقد اختتمت ورشة عمل أقيمت يومي 2 و3 من هذا الشهر تحت عنوان (حوار ممنهج حول مسودة قانون مؤسسات المجتمع المدني) نظمها (منتدى المواطنة للديموقراطية والتنمية البشرية) بالتعاون مع عدد من المؤسسات الدولية المعنية، ناقشت هذه الورشة آخر مسودة تمكنوا من الحصول عليها، وقد تبين أثناء إعداد هذا التقرير أن هناك تعديلات أجريت على مشروع القانون، وبالتالي ما لدى وزارة الثقافة الآن مسودة أحدث من التي يجري تداولها بين النشطاء.

انتقادات النشطاء
تركزت معظم الانتقادات حول الموارد المالية للمنظمات والرقابة عليها بالإضافة إلى المواضيع المتعلقة بالتأسيس والإشهار، وكعينة من الانتقادات التي وجهها بعض النشطاء للمسودة القديمة، يقول السيد خالد الجهاني وهو ناشط في مجال العمل المدني أن ما تفحّصه من بنود هذه المسودة ركيك من حيث اللغة وفيه خلط و تكرار. بينما يقول السيد هيثم هاشم مسؤول (مشروع دعم المشاركة المدنية في المرحلة الانتقالية في ليبيا) أن هناك جوانباً إيجابية في المسودة وهي تعكس اجتهاداً بذل في كتابتها و لكن مازال هناك ملاحظات فيما يتعلق بالمبادئ العامة المعترف بها دولياً. بينما يذهب علي بوز عكوك رئيس منتدى المواطنة إلى أن المسودة بعيدة تماماً عن المعايير الدولية، ولا تعكس مساحة الحرية المكتسبة الآن في ليبيا وتجسد ثقافة السيطرة والشك في الآخر و اعتبار الليبيين رعايا لا مواطنين، ويتضح ذلك في النص على وجود كيان مسيطر هو مركز دعم منظمات المجتمع المدني، و منع الدعم الخارجي للمنظمات، وفرض الإعلان عن أي تمويل تستلمه المنظمة في ثلاث صحف يختارها المركز، وغير ذلك

المسودة حسب التعديل الأخير
يقول السيد عبد السلام صبري وكيل وزارة الثقافة لشؤون المجتمع المدني أن مسودة قانون منظمات المجتمع المدني حسب التعديل الأخير (لم نتحصل على نسخة منها) تؤكد على استقلالية المجتمع المدني و حياديته وعدم احتواء السلطات التنفيذية له، و يمنح المنظمات حق التقاضي والطعن في القوانين والقرارات والترشيحات من حيث دستوريتها أو توافقها مع الأهداف التي أنشئت من أجلها تلك المنظمات، كما يمنح للمنظمات المعنية بالشفافية حق التفتيش والاطلاع على سجلات وتقارير الشركات و المصالح الحكومية. وفي معرض رده على بعض الانتقادات السابقة يقول عبد السلام صبري ان القانون حسب المسودة الجديدة لا يمنع التمويل الأجنبي، وإنما يفرض في حال الحصول عليه إخطار (مفوضية منظمات المجتمع المدني) كتابيا بالحصول على التمويل دون انتظار الموافقة، بل بإمكان المنظمة بعد أن ترسل الإخطار المباشرة في استلام التمويل وإنفاقه على أنشطتها، وفي حال كان هناك أي مخالفة للنظام العام تشوب هذا التمويل فسيتم إخطار المنظمة و يتم اتباع الإجراءات الموجودة في القانون العام.

يبقى هذا الجدل يدور حول مسودة قانون منظمات المجتمع المدني، و تبقى هذه الفجوة بين اجتهادات نشطاء المجتمع المدني وبين التحديثات على مسودة القانون ما لم يتم جسرها لكسب الوقت والجهد في سبيل الوصول إلى أحد أهم القوانين التي تحدد المستوى الذي وصل إليه بناء الدولة الجديدة.
علاء محمد
التقرير الأصلي على هنا صوتك ( هنا أمستردام سابقا )

هناك تعليق واحد: